علمت"الصباح" من مصادر حقوقية أن القضاء العسكري فتح منذ أيام بحثا تحقيقيا حول أحداث الحوض المنجمي 2008 التي خلفت 3 شهداء و34 جريحا إثر شكاية تقدمت بها مجموعة من المحامين إلى وكالة الجمهورية بالمحكمة العسكرية الابتدائية الدائمة بصفاقس،
|
وقد تعهد حاكم التحقيق بنفس المحكمة بالبحث في ملابسات"المجزرة" التي ارتكبها النظام البائد في حق شباب ومتساكني الحوض المنجمي وخاصة بجهة الرديف، وبدأ في الاستماع لشهادات الجرحى وعائلات الشهداء على أن يبدأ قريبا في الاستماع لمشتبه بهم وشهود آخرين.
وقالت مصادرنا إن أبناء الحوض المنجمي انتفضوا عام 2008 ضد التهميش و"الحُقرة" والبطالة والأوضاع الاجتماعية الهشة وخرجوا إلى الشوارع مطالبين بحقهم في التشغيل والتنمية، رافعين شعارات مناهضة لحكم الرئيس السابق الذي حوّل هذه الربوع التي حباها الله بثروة هائلة متمثلة في الذهب الأسود(الفسفاط) إلى مناطق قاحلة جرداء.. تكاد تنعدم فيها المشاريع التنومية وفرص الشغل، وعوض أن يستمع مسؤولو الجهة المعينين- لخدمة النظام لا خدمة المواطن- لمشاغل المواطنين ومحاولة إيجاد حلول لها ولو وقتية والبحث عن سبل تنمية هذه الربوع فقد تعنتوا وتجاهلوا المطالب المشروعة وهو ما ألهب حناجر"شعب" الحوض المنجمي فخرجوا طيلة أيام وليال للمطالبة بحقوقهم.
قمع "الانتفاضة"
انتفض أهالي الحوض المنجمي وقرروا مواصلة الكفاح بعد أن حاصرتهم الآلة البوليسية من كل جانب وحضرت سيارات وحدات التدخل التابعة للشرطة والحرس من جل ثكنات أفواج النظام العام تقل مئات الأعوان المدججين بالأسلحة(بنادق شطاير.. مسدسات.. هراوات.. قاذفات قنابل الغاز المسيل للدموع)وبدأوا في حملة اعتقالات واسعة النطاق.
وفي يوم 6 ماي 2008 سقط أول شهيد وهو الشاب هشام العلائمي حرقا بعد تعمد إصابته بصعقة كهربائية داخل مولد كهرباء بمنطقة"تبديت" بأحواز الرديف وقالت والدته في تسجيل مصور إن"المعتمد والحرس قتلوه" وهو ما أجج الوضع بالجهة ليسقط ثاني شهيد يوم 19 ماي وهو محمد الطاهر السعيدي(أب لثلاثة أطفال) بعد إصابته يوم 9 ماي 2008 وهو ما تسبب في اندلاع انتفاضة يوم 6 جوان 2008 تحولت إلى مواجهات عنيفة بين أعوان الأمن والمحتجين المطالبين بـ"الخبزة" أعطيت أثناءها التعليمات لقوات الأمن التي حاصرت الرديف من كل الجهات بإطلاق الرصاص الحي بعد أن هزم المحتجون قنابل الغاز المسيل للدموع.. لترتكب في ذلك اليوم"مجزرة" سقط إثرها الشهيد الحفناوي المغزاوي برصاصة في الظهر وأصيب العشرات بينهم الشهيد عبد الخالق عميدي الذي فارق الحياة يوم 13 سبتمبر 2008 بمستشفى صفاقس لتقضي الرديف ليلتها على صدى الألم والوجع والدموع.
إثر هذه الأحداث الدموية واصلت آلة القمع البوليسي زمن وزير الداخلية الأسبق رفيق بلحاج قاسم حملة الاعتقالات وطالت مناضلين وحقوقيين ونقابيين على غرار عدنان الحاجي والفاهم بوكدوس وبشير عبيدي الذين تعرضوا لأبشع أنواع التعذيب ثم زج بهم في غياهب السجون بقضايا ملفقة وحوكم أكثر من 150 من أبناء الجهة بتهم ملفقة مختلفة من بينها"تعطيل حرية الجولان بالسبل العمومية والإضرار بملك الغير والعصيان الواضح من أكثر من عشرة أشخاص وهضم جانب موظف حال مباشرته لوظيفه والتعدي على الأخلاق الحميدة والآداب العامة ورمي مواد صلبة على عربات الغير وإحداث الهرج والتشويش بالطريق العام" لينجح النظام حينها وسط تعتيم إعلامي كبير من مختلف وسائل الإعلام المكتوبة والمرئية والمسموعة من إخماد الانتفاضة ظاهريا دون أن يلتفت لهذه الربوع ومحاولة معالجة مشاغل أبنائها، ليبقى الاحتقان على أشده إلى أن جاءت ثورة الحرية والكرامة لتكون امتدادا لـ"انتفاضة" الحوض المنجمي ويخرج أبناء الرديف وأم العرائس والمتلوي إلى الشارع بصدور عارية وشاركوا في الاحتجاجات اليومية على نظام المخلوع حتى فر بن علي هاربا إلى السعودية.
مسؤولون أمنيون في قفص الاتهام
خلفت انتفاضة الحوض المنجمي أربعة شهداء و34 جريحا واليوم ومع فتح تحقيق حول هذه الأحداث يواجه الرئيس المخلوع زين العابدين بن علي ووزير داخليته الأسبق رفيق بلحاج قاسم وكل من تثبت إدانته تهما مختلفة أبرزها القتل العمد ومحاولة القتل العمد والمشاركة في ذلك، ومن المنتظر أن تشمل التحقيقات مسؤولين أمنيين على تلك الأحداث.
وفي هذا الصدد علمنا أن تقريرا مفصلا يضم قائمة اسمية لـ"التشكيلة الأمنية" والقطاعات التي أشرفت عليها ميدانيا أو عملت بها أثناء المشاركة في قمع انتفاضة الحوض المنجمي ستسلم يوم 22 نوفمبر القادم للسلط القضائية، ومن بين هؤلاء نذكر مديرين عامين للأمن الوطني والحرس الوطني ومديري إقليمي الشرطة والحرس بقفصة ورئيس منطقة الشرطة بالمتلوي ورئيس مركز الشرطة بالرديف والمسؤول الأول عن وحدات التدخل للحرس والشرطة في تلك الأحداث، وعدد آخر من الأمنيين إضافة إلى معتمد أم العرائس.
صابر المكشر
|
السبت، 10 نوفمبر 2012
القضاء العسكري يفتح ملف"انتفاضة الحوض المنجمي".. ومسؤولون أمنيون في قفص الاتهام
الاشتراك في:
تعليقات الرسالة (Atom)
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق