الخميس، 22 نوفمبر 2012

غزة التي خذلها الأعراب


كاظم فنجان الحمامي

لم يؤمن الأعراب بالمبادئ والقيم والأعراف, ولما يدخل الإيمان في قلوبهم, لكنهم آمنوا إيمانا مطلقا بكل ما يسيء لمستقبلنا وحاضرنا وماضينا, وليس أدل على كلامنا هذا من غزة التي خذلوها, وتنكروا لها, وتآمروا عليها, وطعنوها في خاصرتها, وشنوا عليها الآن أبشع الحملات الإعلامية, ومن لا يصدق كلامنا هذا يتعين عليه أن يقرأ ما تنشره الصحف الخليجية من مقالات وقحة يكتبها فؤاد الهاشم أو عبد الله الهدلق, اقرءوا كيف تطوعت الصحافة العربية لمؤازرة الصهاينة في عدوانهم على غزة, اقرءوا كيف تحذلق الهدلق في الذود عن تل أبيب, وكيف تهكم الهاشم على كتائب القسام, تفحصوا مواقف المشايخ الذين جندوا أنفسهم في العام الماضي للوقوف مع حملات الناتو, انظروا إليهم الآن ولاحظوا كيف لاذوا بالصمت المطبق, وكيف آثروا السكوت, ولم ينبسوا ببنت شفة لمواساة أسر الضحايا ولو من باب المجاملة, لاحظوا كيف جفت منابع الفتوى عندهم, ولم يطلقوا فتوى واحدة لإعلان الجهاد الخطابي في المساجد على أقل تقدير. .
راجعوا مواقفهم حتى تعرفوهم على حقيقتهم, هل فيهم من تبنى حملة لجمع التبرعات لنصرة المنكوبين في غزة ؟, هل فيهم من أرسل المساعدات الطبية وبعث المواد الغذائية إلى الشعب الذي خنقه الحصار, ومزقه الدمار ؟. .
المثير للسخرية ان الإعراب هم الذين يواسون زعماء الإرهاب الدولي في تل أبيب, وهم الذين يمارسون ضغوطهم على عناصر المقاومة لإقناعهم بقبول الهدنة ووقف إطلاق النار. .
أما وزراؤهم الذين عقدوا العزم لزيارة غزة, فلا تعتقدوا إنهم سيدخلونها حاملين خناجرهم وبنادقهم ليتخندقوا مع المقاومة الشريفة, فمثل هؤلاء لا يستعملون البنادق إلا في الترويح عن أنفسهم في الأفراح والليالي الملاح, ولا يحملون الخناجر إلا لأغراض التبختر والتباهي بجودتها. .
لقد انقسم الأعراب في العدوان السابق (2009), فمنهم من اختار الوقوف علانية مع تل أبيب, ومنهم من اختار الذهاب إلى الدوحة لمناقشة الموضوع مع شيخ مشايخ الوطنية العربية بصيغتها البترولية الجديدة. .
وها هو السيناريو يتكرر بدعوة الأعراب لاجتماع طارئ (لنصرة) غزة, فامتنع عن الحضور عدد من وزراء الأعراب, وأرسلوا صغارهم حتى لا تبدو كراسيهم فارغة, فظهروا في الصورة المتلفزة وكأنهم تماثيل متيبسة في متحف الشمع, في حين حضر وزراء خارجية الاتحاد الأوربي إلى تل أبيب, وعرضوا عليها الجهد والمدد والعُدد, فظهروا بالصورة المتلفزة بالقميص والبنطرون وكأنهم فريق متجانس من فرق القتال الأعزل. .
اما رئيس جامعتنا, التي لا تجمع ولا تنفع, فيفكر الآن في تشكيل لجنة عربية لتقصي الحقائق, بينما انشغل رؤساء الربيع بتعزيز علاقاتهم الودية مع ربوع تل أبيب, اما الذين أغلقوا معبر رفح فسيقولون لنا إنهم مجبرون على الالتزام بالاتفاقيات الثانوية المبرمة مع تل أبيب و(تل الحبيب), و(تل الزبيب), فبنود الاتفاقيات وأحكامها توجب غلق المعبر, وتلزمهم بغلق الأنفاق, وتلزمهم بعدم السماح لقوافل المساعدات بالتوجه إلى قطاع غاز, فلا مساعدات طبية, ولا أغذية, ولا مؤن, ولا هم يحزنون, وهذه هي الحقيقة, لكن أحكام القرآن, وبنود الدين, وروابط الدم لا تلزمهم بشيء. .
الشيء الوحيد الذي تسمح به الدول العربية القريبة من غزة هو الكلام ضمن حدود الأسرة الواحدة, ويستحسن أن يكون بالهمس, أما الكلام العلني في الساحات العامة والتظاهر من اجل غزة فغير مسموح به البتة. .
لقد تحرك العرب بسرعة البرق لتجميد عضوية سوريا بالجامعة, وجهزوا معارضيها بالمال والسلاح, لكنهم لم يتحركوا بتلك السرعة لدعم المقاومة بالسلاح والمال لمواجهة الإرهاب الصهيوني, ولم يتحركوا ضد إسرائيل في المحافل الدولية, ولم يتوحدوا في مواجهة البلدان الداعمة لإسرائيل لممارسة الضغط عليها لرفع الحصار. .
ختاما نقول: لا فرق بين الأنظمة السابقة والأنظمة اللاحقة في تعاملها السيئ مع غزة, ولن تتحسن الأحوال في ظل الزعامات المتواطئة والمتخاذلة والشامتة والمنافقة, ولن تقدر دويلات الأعراب على توحيد مواقفها ليوم واحد فقط, فما بالك بما تحتاجه المرحلة القادمة من مواقف فولاذية موحدة ؟؟, اما ما نسمعه الآن من وسائل الإعلام عن جدية المواقف العربية فلا يعدو عن كونه مجرد تمويه وتعطيل وتسطيح وتسفيه وتسويف, وإن غداً لناظره قريب. . .
والله يستر من الجايات

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

Mezo.me
Blogger widget