
حاوره: جمال الفرشيشي - كان ولا يزال التشغيل من اكبر المشاكل التي أرقت الدول العظمى حيث لا يكاد يخلو بلد من وجود نسب بطالة تختلف من دولة لأخرى، وللحديث أكثر عن هذه المعضلة كما يحلو لبعض الساسة وصفها- كان لـ"الصباح الأسبوعي" حوار مع عبد الوهاب معطر وزير التكوين المهني والتشغيل الذي تحدث عن التشغيل في تونس، كما تطرق إلى جملة من المواضيع الأخرى.
استغرب هذا الرأي لأنه وببساطة كانت هذه الوزارة تحديا بالنسبة لنا وقبلنا به وعملنا على كسبه عبر خلق 60900 موطن عمل في الست اشهر الاولى من 2012، رفعنا في الاستثمار العمومي من خلال الزيادة في الميزانية التكميلية ليصل ما هو مخصص لذلك 6400 مليون دينار، رفعنا في الانتدابات في الوظيفة العمومية بـ5 الاف ،اتفقنا على عقد أهداف مع مكاتب التشغيل، عوضنا برنامج «أمل» ببرنامج التشجيع على العمل الذي شددنا فيه على ضرورة ان يكون المنتفع به مستعدا للعمل كما يمكن له الخضوع إلى تكوين على حساب الوزارة وكان الهدف من هذا البرنامج وضع حد لأخذ الأموال دون تقديم أي عمل، وهو نفس التمشي بالنسبة لعمال الحضائر.تدخلنا بالوساطة لتسهيل عملية المستثمرين مع عدد من الوزارات وقد نجحنا في مساعدة 100 مشروع.عموما لدينا الآن 90 الف موطن عمل ثابت ونأمل ان يكون العدد اكبر.
كل هذه الخطوات التي قمنا بها جاءت بعد ان وجدنا الوزارة في حالة تسيب لا وجود لمتابعة للملفات ومراكز التكوين المهني قد استشرى فيها الفساد المالي والإداري كما ان مقرات الوكالة التونسية للتشغيل والعمل المستقل تعيش وضعيات متأزمة. ودون ان ننسى بؤرتي الفساد وهما الحضائر ومنحة «أمل» اللذين شهدا سوء تعامل بهما في عهد قائد السبسي حيث أعطيت منحة «أمل» الى 140 الف شخص ووقع الترفيع في عمال الحضائر الى 68 ألف منتفع بعد ان كانوا 10 ألاف وبذلك أصبح هناك عزوف عن العمل وكان البحث عن العمل في الوظيفة العمومية.
يفوق عدد العاطلين عن العمل في بلادنا 800 الف في حين تعاني بعض القطاعات من قلة اليد العاملة بما تفسر ذلك؟
نجد هذا الإشكال في 13 قطاعا (البناء والفلاحة والنجارة والنقل والتجهيز الصحي والحدادة..) وهي تعتمد على المجهود البدني وتخضع لما يسمى بالقطاع غير المنظم الذي يمثل 52 % من الاقتصاد الوطني. وتشكو هذه القطاعات غياب التغطية الاجتماعية وأجورا متدنية وبعضها عمل موسمي ، نهيك عن نية التونسي الباحث عن عمل إداري. وفي هذا الصدد اتخذنا إجراءات عاجلة ترتكز أساسا على تحسين ظروف العمل ووقعنا اتفاقية مع الجامعات المهنية لتشغيل العاطلين وتوفير التغطية الاجتماعية لهم، فعلى سبيل المثال في النجارة والموبيليا طالبنا بحد ادني من الأجر 350 دينارا . مسالة أخرى قلنا بان الأولوية في برامج التشغيل ستكون لهؤلاء.
تحدثت عن السوق الليبية وامكانية توفيرها لاكثر من 100 الف موطن عمل فاين هي وماهي الضمانات؟
كان الحديث مع وزير التشغيل الليبي آنذاك مليون عامل لكنها آفاق وقد وقعنا اتفاقية عمل مع المسؤولين الليبيين تضمن الإقامة للتونسي وتحويل العملة والأجر الحسن وقمنا وقتها بربط الكتروني بين وزارتي التشغيل بالبلدين لكن الوضع الأمني والسياسي غير المستقرين حالا دون تجسيد اي اتفاق وحتى وزير التشغيل الذي اتفقنا معه لم يعد وزيرا.
كما طالبت قطر 25 ألف تونسي للعمل لديها لكن بأجور منظرة مع الآسيوين وقلنا بإنشاء صندوق تساهم فيه تونس بجزء وأمير قطر بجزء للزيادة في أجور الكفاءات التونسية لكن ظل ذلك مقترحا ولم يصلنا اي رد الى الان.
من المنتظر ان يتمتع الحاصلون على العفو التشريعي العام وأفراد من عائلات شهداء الثورة وجرحاها بالنسبة الاكبر في التشغيل، فاي نصيب لبقية المتخرجين الجدد من الجامعات والعاطلين الآخرين؟
في الواقع لا يجب التهويل من هذا الموضوع لانه وببساطة حجم المنتفعين بالعفو التشريعي العام وشهداء وجرحى الثورة والعائلات المعوزة (وعددها 235 الف عائلة) لا يمثل الا واحد على خمسة من المجموع العام للوظائف اي بحوالي 5 آلاف منتفع، ولو كانوا سيستأثرون بـ10 آلاف او 15 ألف وظيفة من مجموع 25 ألفا فهذا غير ممكن. عموما لقد قرر التأسيسي إعطاءهم الأولوية في التشغيل.
بعد فترة طويلة من الاعتصامات والاحتجاجات لماذا لم تسو الى الان مشكلة المكونين العرضيين؟
لا وجود لأي إشكال لأنهم عرضيون وقع الاستعانة بهم من طرف الوكالة التونسية للتكوين المهني لسنوات وبعد الثورة وقع تشغيل 300 منهم وبقي ألف شخص وهم يريدون منا انتداباهم بالوكالة بشكل مباشر في حين لا تفوق طاقة انتجاها 300 وهو ما تم في عهد حكومة قائد السبسي . نقول للمكونين العرضيين ان يصبروا قليلا فالوزارة ستفتح كل أبواب هياكلها لهم للانتداب أكثر ما يمكن منهم فيما ستنظم عمل الأساتذة المكونين بإضافة عدد ساعات العمل لتصل الى 12 ساعة عوض ساعتين.
ماهي المقاربات التي اقترحتها الوزارة لمعالجة الاسباب الحقيقية التي ادت الى البطالة؟
هناك استراتيجية وطنية نعمل على صياغتها ووضعها الآن سنعلن عنها يوم 17 ديسمبر وسنقدمها للحكومة القادمة وهي رؤية الوزارة وتصوراتها للمشاكل مع تقديم حلول للتشغيل. علينا وضع منوال تنموي يكون خلق مواطن العمل هدفه عبر الاستثمار في الميادين التي بمقدورها خلق مواطن عمل.وبالتوازي نحن بحاجة ليد عاملة ماهرة وهو ما سيدفعنا للحديث عن إيجاد تناغم بين سوق الشغل ومنظومة التربية والتعليم. كما يجب تقوية وزارة التشغيل افقيا لا ان تكون عبارة عن نقابة للعاطلين عن العمل. واخيرا لابد من تحسين ظروف العمل.
ماذا عن ملفات الفساد في الوزارة؟
أحلنا الى حد الآن 43 ملف فساد على القضاء خاصة في قطاع التكوين المهني ، فبعد زيارات تفقدية بمعدل زيارة كل 3 أيام لمراكز التكوين المهني وجدنا بؤر فساد مالي وإداري.وقد شملت هذه الملفات مديرين مركزيين ومكونين وعناصر صغيرة. ونحن الآن بصدد الاشتغال عبر تكليف 3 فرق من الوزارة للعمل على ملف سيكون فضيحة وطنية يتعلق بـ»مركز فنون اللهب» بنابل الذي تشارك فيه كل الأطراف ، فهو عبارة عن عملية نهب منظمة سرق فيها ملياران من المليمات وسنعلن عن ذلك في ندوة صحفية ستعقد قريبا.
هل فعلا النهضة من تتحكم في دواليب الحكم مع غياب لوزراء المؤتمر والتكتل في الحكومة؟
بكل صراحة ومن منطلق حزبي عملنا على أساس ان يكون الائتلاف شراكة في الحكومة الا انه ولعدة أسباب راجعة لما يدور داخل المؤتمر والتكتل اللذين انغمس قياديوهما في العمل الحكومي فقد أصبح التنسيق مع النهضة شبه معدوم. ووقفنا على حقيقة اننا مشاركون في الحكومة وليس في الحكم وطرحنا الموضوع بكل صراحة مع النهضة واتفقنا معها على التشاور والتحاور في العديد من الملفات وهو ما تم مؤخرا.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق