التاريخ متعدّدة أبوابه وشبابيكه... والأقدار وحدها هي التي تحدد لكلّ واحد منّا البوّ ابة التي من خلالها قد يدخل التاريخ... فالزعيم الراحل الحبيب
بورقبة استثمر كفاحه وتاريخه النضالي وفطنته وذكاءه ليتربّع على عرش الجمهورية التونسية رئيسا لها مدى الحياة...
ليأتي من بعده «بن علي» ويدخل تاريخ تونس من خلال انقلاب ناعم استغّل فيه حالة الوهن والضعف والمرض للزعيم بورقيبة فعمل على اقصائه
مكانه... وخلال 23 سنة عجزت تونس عن توفير رجل واحد يستطيع أن يهدّ عرش «بن علي» ويزعزعه. وكان لابّد من ثورة كاملة تجتمع بها همم
وعزائمهم ويقدّمون الشهداء والجرحى ويفتحون بابا جديدا للتاريخ يدخل منه فؤاد المبزّع ويجد نفسه رئيسا لتونس وقد كان قبل ساعات قليلة رئيسا
النواب ويتحوّل من «مطلوب» وشريك لنظام متّهم بالاستبداد والفساد إلى رئيس لتونس ما بعد الثورة ... ويفتح بعده بابا جديدا للتاريخ يدخل منه
المنصف المرزوقي رئيسا لتونس في أوّل فترة انتقالية شرعية وتحت رعاية مجلس تأسيسي منتخب...
وإذا كان للدكتور شرف دخول قصر قرطاج كأوّل رئيس منتخب فإن المرزوقي ناله شرف جديد وهو أول رئيس للجمهورية يفتح الحرس الرئاسي تلك
الحقيبة العجيبة لحمايته وتأمين سلامته...
كنّا دائما نتابع باستغراب حمل بعض حرّاس الرئيس لحقيبته لم نكن نعرف محتوياتها... هذه الحقيبة لم تفتح مع بورقيبة ولم يتجرّأ أحد على الاقتراب
منه وحتى مجرد التفكير في إهانته أو الاعتداء عليه بالرغم من انصهاره في الجماهير والتصاقه بهم وحرصه الدّائم على الحضور في الاجتماعات
الشعبيّة والتنقّل بين الجهات... وهذه الحقيبة لم تفتح مع بن علي بالرغم من حجم تسلّطه على معارضيه من اليمين واليسار واشهاره الحرب على
الجماعات الاسلامية بكل تشكيلاتها من منطلق الحرب على «الارهاب»... ولكن بكلّ أسف هذه الحقيبة فتحت زمن الديمقراطية...
وفتحت على الحقوقي الذي اختار النضال من أجل حقوق الانسان... وفتحت الحقيبة أخيرا في سيدي بوزيد وكان حقا مشهدا على درجة كبيرة من
القسوة... رئيس الجمهورية في بلده... بين أهله... وفي ذكرى عزيزة يهان... ويقذف بالحجارة والقوارير ويجبر على الهروب تحت حماية حرّاسه في
مشهد قد لا يدفع الآخرين للاطمئنان إلينا... فمن هو المستثمر الذي يفكّر يوما في اقامة عطريّة هناك وهو يرى رئيس الجمهورية يخرج هاربا
«رجليه أعلى من رأسو»... أنا لا أريد الخوض في مسألة الاحتجاج وشرعيته.. ولكنني أتساءل... لنفترض أن بعض أهالي سيدي بوزيد لهم احترازات
على أداء الحكومة والرئاسة والمجلس التأسيسي فهل يحتاج الأمر إلى مثل ذلك المستوى من التواصل؟... هل كان لابد من اهانة المسؤولين بذلك
الشكل؟!... المهمّ أكثر، وما استفزّني هو أنّني أرضيت فضولي واكتشفت أخيرا سرّ تلك الحقيبة التي ظلّت كصندوق عجب تحافظ لسنوات طويلة على
أسرارها.. ولو أنني في قرارة نفسي كنت مستعدا للتنازل عن ارضاء هذا الفضول فقط من أجل أن تبقى لرئيس جمهوريتنا كرامته وكذلك لرئيس
المجلس التأسيسي ولكلّ واحد منهما تاريخ نضالي لا يمكن انكاره أو تــــــــجاهله وقد يكون أطول حتى مــــــــن أعمار بعض المحتجّين...
رياض جغام
بورقبة استثمر كفاحه وتاريخه النضالي وفطنته وذكاءه ليتربّع على عرش الجمهورية التونسية رئيسا لها مدى الحياة...
ليأتي من بعده «بن علي» ويدخل تاريخ تونس من خلال انقلاب ناعم استغّل فيه حالة الوهن والضعف والمرض للزعيم بورقيبة فعمل على اقصائه
مكانه... وخلال 23 سنة عجزت تونس عن توفير رجل واحد يستطيع أن يهدّ عرش «بن علي» ويزعزعه. وكان لابّد من ثورة كاملة تجتمع بها همم
وعزائمهم ويقدّمون الشهداء والجرحى ويفتحون بابا جديدا للتاريخ يدخل منه فؤاد المبزّع ويجد نفسه رئيسا لتونس وقد كان قبل ساعات قليلة رئيسا
النواب ويتحوّل من «مطلوب» وشريك لنظام متّهم بالاستبداد والفساد إلى رئيس لتونس ما بعد الثورة ... ويفتح بعده بابا جديدا للتاريخ يدخل منه
المنصف المرزوقي رئيسا لتونس في أوّل فترة انتقالية شرعية وتحت رعاية مجلس تأسيسي منتخب...
وإذا كان للدكتور شرف دخول قصر قرطاج كأوّل رئيس منتخب فإن المرزوقي ناله شرف جديد وهو أول رئيس للجمهورية يفتح الحرس الرئاسي تلك
الحقيبة العجيبة لحمايته وتأمين سلامته...
كنّا دائما نتابع باستغراب حمل بعض حرّاس الرئيس لحقيبته لم نكن نعرف محتوياتها... هذه الحقيبة لم تفتح مع بورقيبة ولم يتجرّأ أحد على الاقتراب
منه وحتى مجرد التفكير في إهانته أو الاعتداء عليه بالرغم من انصهاره في الجماهير والتصاقه بهم وحرصه الدّائم على الحضور في الاجتماعات
الشعبيّة والتنقّل بين الجهات... وهذه الحقيبة لم تفتح مع بن علي بالرغم من حجم تسلّطه على معارضيه من اليمين واليسار واشهاره الحرب على
الجماعات الاسلامية بكل تشكيلاتها من منطلق الحرب على «الارهاب»... ولكن بكلّ أسف هذه الحقيبة فتحت زمن الديمقراطية...
وفتحت على الحقوقي الذي اختار النضال من أجل حقوق الانسان... وفتحت الحقيبة أخيرا في سيدي بوزيد وكان حقا مشهدا على درجة كبيرة من
القسوة... رئيس الجمهورية في بلده... بين أهله... وفي ذكرى عزيزة يهان... ويقذف بالحجارة والقوارير ويجبر على الهروب تحت حماية حرّاسه في
مشهد قد لا يدفع الآخرين للاطمئنان إلينا... فمن هو المستثمر الذي يفكّر يوما في اقامة عطريّة هناك وهو يرى رئيس الجمهورية يخرج هاربا
«رجليه أعلى من رأسو»... أنا لا أريد الخوض في مسألة الاحتجاج وشرعيته.. ولكنني أتساءل... لنفترض أن بعض أهالي سيدي بوزيد لهم احترازات
على أداء الحكومة والرئاسة والمجلس التأسيسي فهل يحتاج الأمر إلى مثل ذلك المستوى من التواصل؟... هل كان لابد من اهانة المسؤولين بذلك
الشكل؟!... المهمّ أكثر، وما استفزّني هو أنّني أرضيت فضولي واكتشفت أخيرا سرّ تلك الحقيبة التي ظلّت كصندوق عجب تحافظ لسنوات طويلة على
أسرارها.. ولو أنني في قرارة نفسي كنت مستعدا للتنازل عن ارضاء هذا الفضول فقط من أجل أن تبقى لرئيس جمهوريتنا كرامته وكذلك لرئيس
المجلس التأسيسي ولكلّ واحد منهما تاريخ نضالي لا يمكن انكاره أو تــــــــجاهله وقد يكون أطول حتى مــــــــن أعمار بعض المحتجّين...
رياض جغام
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق