الصريح / تونس
هل يمكن اعتبار أن المفاوضات الجارية حاليا حول تشكيل الحكومة الجديدة هدفها فقط الوصول الى تشكيلة لتسيير دواليب الدولة؟
هذا نصف الحقيقة أما النصف الآخر فهو معركة عضّ أصابع بين الاحزاب والتكتلات والجبهات كل يريد استثمار اللحظة قدر المستطاع فقد لا تتكرّر الفرصة إضافة الى ان جوهر ما يحصل هو إعادة رسم المشهد السياسي برمّته من جديد وفق المعطيات المستجدّة على الساحة وتجاوزا للأخطاء السابقة. بعد الانتخابات كان المشهد السياسي واضحا ومقسما كمربعات وكل طرف يعرف موقعه بالتحديد لذلك فهو يلتزم به ولا يخرج عنه.. لكن فجأة تغيّرت الأمور وباتت الكثير من الأحزاب غير راضية عن مربعها ويرى مساحته صغيرة وبالتالي صارت تريد التوسع قدر المستطاع وطبعا هذا التوسع سيكون على حساب
مربعات أخرى لأحزاب أخرى.
المشهد اليوم لم يعد قابلا للتقسيم بين ترويكا ومعارضة فالترويكا لم تعد كما كانت بل اندثرت وحلّ محلّها تشكيل جديد بصدد التكوّن بينما وضع المعارضة تغيّر هو الآخر ولم يعد هناك إجماع على التموقع في تلك الخانة.. لماذا هذا التغيّر؟
الاحداث التي حصلت في الفترة الأخيرة ساهمت في هذا بشكل كبير لكن السبب الرئيسي هو أننا اليوم سندخل في المرحلة الثانية والأخيرة من الفترة الانتقالية وبالتالي فالجميع يشدّ الاحزمة استعدادا للانتخابات القادمة ولتهيئة نفسه لها.
معركة القواعد
طبعا عندما نتحدث عن التحضير للانتخابات فهذا لا يعني الحديث عن الحملة الانتخابية المباشرة فهذا أمر مازال مبكّرا لكن الاستعداد اليوم هو للحملات غير المباشرة أي تهيئة الجوّ العام لها وتحديدا التركيز على القواعد الشعبية وهم أنواع منهم من يحدد موقفه مسبقا ولا علاقة له بالاحداث أو التقييم السياسي وهم الناخبون المتأدلجون أو المنتمون فللنهضة مثلا قواعد ثابتة لن ترهق نفسها كثيرا في تسويق نفسها لديهم وللجبهة الشعبية أيضا مثل هذا التمشي أما الاحزاب التي لا ايديولوجيا تحكمها على غرار نداء تونس والحزب الجمهوري فهي التي يلزمها عمل كبير للتأثير خاصة على المترددين في تحديد الاختيارات أو الذين امتنعوا عن الاقتراع في الانتخابات الماضية.
المال والسياسة
الاحداث التي حصلت في الفترة الأخيرة ساهمت في هذا بشكل كبير لكن السبب الرئيسي هو أننا اليوم سندخل في المرحلة الثانية والأخيرة من الفترة الانتقالية وبالتالي فالجميع يشدّ الاحزمة استعدادا للانتخابات القادمة ولتهيئة نفسه لها.
معركة القواعد
طبعا عندما نتحدث عن التحضير للانتخابات فهذا لا يعني الحديث عن الحملة الانتخابية المباشرة فهذا أمر مازال مبكّرا لكن الاستعداد اليوم هو للحملات غير المباشرة أي تهيئة الجوّ العام لها وتحديدا التركيز على القواعد الشعبية وهم أنواع منهم من يحدد موقفه مسبقا ولا علاقة له بالاحداث أو التقييم السياسي وهم الناخبون المتأدلجون أو المنتمون فللنهضة مثلا قواعد ثابتة لن ترهق نفسها كثيرا في تسويق نفسها لديهم وللجبهة الشعبية أيضا مثل هذا التمشي أما الاحزاب التي لا ايديولوجيا تحكمها على غرار نداء تونس والحزب الجمهوري فهي التي يلزمها عمل كبير للتأثير خاصة على المترددين في تحديد الاختيارات أو الذين امتنعوا عن الاقتراع في الانتخابات الماضية.
المال والسياسة
المال والسياسة أمران لا يمكن الفصل بينهما لا سيما في الانظمة الديمقراطية فلا حملات من دون مال ولا كسب لأنصار من دون حملات انتخابية وتسويقية.
مما يظهر من مؤشرات وبالاعتماد على تصريحات القيادات السياسية فإن الحزبين اللذين يمتلكان هذه الاداة هما النهضة ونداء تونس. فمحسن مرزوق صرّح مؤخرا أن حركته تملك مالا كثيرا أما مصدر هذه الأموال فهو وكما يؤكدون اشتراكات ومساهمات الانصار ونحن نعلم أن نداء تونس يستقطب الاثرياء ويركّز عليهم كثيرا ليموّل حملاته في الجهات الداخلية أي ليصل الى متوسطي الحال والفقراء.
النهضة من جانبها لها موارد كثيرة وهو ما يفسّر انتشار مكاتبها بكامل تراب الجمهورية وهذا يعود وفق تأكيدها الى الانخراطات ومساهمات أنصارها.
طبعا هذا لا يمكن أن يتم دون أن نتساءل إن كان فعلا هذان الحزبان لا يستفيدان من أموال من مصادر لا يعلن عنها بل السؤال الأهم هنا هل يقف رجال أعمال وأثرياء وميسورو الحال وراء هذين الحزبين وهل هذا لن يؤثر على قراراتهما لو كان الامر حاصلا فعلا.
إذن ما نشهده اليوم هو بداية لاستعراض قوّة من طرف نداء تونس وعلينا هنا أن نضع في اعتبارنا تزامن الاقرار بثراء حركة نداء تونس مع نتائج آخر استطلاع للرأي والذي قلّص الهوّة بين النهضة ونداء تونس جماهيريا وترتيب الباجي قائد السبسي في المرتبة الأولى بين الشخصيات السياسية.
المؤشر الآخر هنا هو تصاعد شعبية أمين عام حركة النهضة حمادي الجبالي لكن ليس بصفته الحزبية بل بصفته الحكومية وهذا يعود الى موقفه بالدعوة لتشكيل حكومة كفاءات وهو ما أحدث خلافات بينه وبين حركته.
وجها لوجه
من خلال كل هذا يمكن أن نستنتج أن المواجهة اليوم هي بين النهضة ونداء تونس وتحديدا بين حمادي الجبالي والباجي قائد السبسي فلمن ستكون الأسبقية.
هنا يظهر عامل مهمّ وهو هل فعلا بإمكان الباجي قائد السبسي الترشح للانتخابات الرئاسية القادمة؟ هنا الحديث يدور حول امرين: الأول عامل السنّ والذي قد يكون مانعا بل من المؤكد أنه سيكون مانعا باعتبار أن مسودة الدستور تضع سقفا في جميع الحالات تجاوزه الباجي قائد السبسي والامر الثاني هو احتمالية تفعيل قانون تحصين الثورة والذي قد يمنعه ايضا من الترشح باعتباره تقلد منصب رئيس مجلس نواب في فترة بن علي.
من هنا يمكن اعتبار أن المواجهة بين حمادي الجبالي والباجي قائد السبسي تسير لصالح الأول لكن هل نفس هذا المعطى يتوفر في المواجهة بين الحزبين أي النهضة ونداء تونس!
رغم الطفرة التي حققها نداء تونس إلا أن وضعه يبقي هشا وقابلا للانحدار في أي لحظة جراء حدث ما أو موقف ما وبالتالي فالرهان اليوم من قياداته لم يعد تحقيق الشعبية فقط بل المحافظة عليها والحذر الكبير من أي زلة قد تحدث الكارثة خاصة وأن طبيعة أنصاره وقواعده ليست ثابتة كما عند النهضة.
تحالفات في مواجهة تحالفات أخرى
مما يظهر من مؤشرات وبالاعتماد على تصريحات القيادات السياسية فإن الحزبين اللذين يمتلكان هذه الاداة هما النهضة ونداء تونس. فمحسن مرزوق صرّح مؤخرا أن حركته تملك مالا كثيرا أما مصدر هذه الأموال فهو وكما يؤكدون اشتراكات ومساهمات الانصار ونحن نعلم أن نداء تونس يستقطب الاثرياء ويركّز عليهم كثيرا ليموّل حملاته في الجهات الداخلية أي ليصل الى متوسطي الحال والفقراء.
النهضة من جانبها لها موارد كثيرة وهو ما يفسّر انتشار مكاتبها بكامل تراب الجمهورية وهذا يعود وفق تأكيدها الى الانخراطات ومساهمات أنصارها.
طبعا هذا لا يمكن أن يتم دون أن نتساءل إن كان فعلا هذان الحزبان لا يستفيدان من أموال من مصادر لا يعلن عنها بل السؤال الأهم هنا هل يقف رجال أعمال وأثرياء وميسورو الحال وراء هذين الحزبين وهل هذا لن يؤثر على قراراتهما لو كان الامر حاصلا فعلا.
إذن ما نشهده اليوم هو بداية لاستعراض قوّة من طرف نداء تونس وعلينا هنا أن نضع في اعتبارنا تزامن الاقرار بثراء حركة نداء تونس مع نتائج آخر استطلاع للرأي والذي قلّص الهوّة بين النهضة ونداء تونس جماهيريا وترتيب الباجي قائد السبسي في المرتبة الأولى بين الشخصيات السياسية.
المؤشر الآخر هنا هو تصاعد شعبية أمين عام حركة النهضة حمادي الجبالي لكن ليس بصفته الحزبية بل بصفته الحكومية وهذا يعود الى موقفه بالدعوة لتشكيل حكومة كفاءات وهو ما أحدث خلافات بينه وبين حركته.
وجها لوجه
من خلال كل هذا يمكن أن نستنتج أن المواجهة اليوم هي بين النهضة ونداء تونس وتحديدا بين حمادي الجبالي والباجي قائد السبسي فلمن ستكون الأسبقية.
هنا يظهر عامل مهمّ وهو هل فعلا بإمكان الباجي قائد السبسي الترشح للانتخابات الرئاسية القادمة؟ هنا الحديث يدور حول امرين: الأول عامل السنّ والذي قد يكون مانعا بل من المؤكد أنه سيكون مانعا باعتبار أن مسودة الدستور تضع سقفا في جميع الحالات تجاوزه الباجي قائد السبسي والامر الثاني هو احتمالية تفعيل قانون تحصين الثورة والذي قد يمنعه ايضا من الترشح باعتباره تقلد منصب رئيس مجلس نواب في فترة بن علي.
من هنا يمكن اعتبار أن المواجهة بين حمادي الجبالي والباجي قائد السبسي تسير لصالح الأول لكن هل نفس هذا المعطى يتوفر في المواجهة بين الحزبين أي النهضة ونداء تونس!
رغم الطفرة التي حققها نداء تونس إلا أن وضعه يبقي هشا وقابلا للانحدار في أي لحظة جراء حدث ما أو موقف ما وبالتالي فالرهان اليوم من قياداته لم يعد تحقيق الشعبية فقط بل المحافظة عليها والحذر الكبير من أي زلة قد تحدث الكارثة خاصة وأن طبيعة أنصاره وقواعده ليست ثابتة كما عند النهضة.
تحالفات في مواجهة تحالفات أخرى
كل الأحزاب اليوم باتت تدرك أن العمل لا يجب أن يكون انفراديا فالموج صار عاتيا وبالتالي الكل يبحث عن التحالفات التي تخدمه وتعزز موقفه. بالنسبة لنداء تونس اختار التحالف مع أقوى مكوّنات المعارضة وهم الحزب الجمهوري والمسار الديمقراطي والجبهة الشعبية التي تعلن دائما رفضها لكن من دون الاعلان عن عداء للنداء وهو ما يؤشر على تحالف أو قبول بالتحالف لكنه خفي خوفا من ردات فعل قواعد الجبهة الشعبية ورفض بعض مكوّناتها لذلك.
بالنسبة للنهضة بخصوص هذا الأمر فهي تعمل على جبهتين: الأولى توسيع ما تسميه دائرة التوافق وهو في الحقيقة توسيع للتحالف وللترويكا ووجدت أنصارا لها على غرار حركة وفاء وكتلة الكرامة، والجبهة الثانية قاعدية وهي العمل على استقطاب واستمالة اخوانها في التيار الاسلامي ولعلها اليوم تعمل على اقناع حزب التحرير بتليين موقفه أو على الاقل مساندتها شعبيا مع الأحزاب السلفية التي قد يعلن في وقت ما عن انضمامها للتحالف مع النهضة أو التنسيق في الانتخابات القادمة.
الطرف الأهم في هذه المعادلة هي الأحزاب الدستورية التي مازال المواطن الناخب خاصة ينظر اليها بريبة ويتهمها بأنها من بقايا النظام السابق وهي نظرة لا يمكن تغييرها في فترة وجيزة ومن هنا قد يجدون انفسهم «يلعبون» على ورقة الجهويات وفزاعة التشدد الاسلامي.
محمد عبد المؤمن
بالنسبة للنهضة بخصوص هذا الأمر فهي تعمل على جبهتين: الأولى توسيع ما تسميه دائرة التوافق وهو في الحقيقة توسيع للتحالف وللترويكا ووجدت أنصارا لها على غرار حركة وفاء وكتلة الكرامة، والجبهة الثانية قاعدية وهي العمل على استقطاب واستمالة اخوانها في التيار الاسلامي ولعلها اليوم تعمل على اقناع حزب التحرير بتليين موقفه أو على الاقل مساندتها شعبيا مع الأحزاب السلفية التي قد يعلن في وقت ما عن انضمامها للتحالف مع النهضة أو التنسيق في الانتخابات القادمة.
الطرف الأهم في هذه المعادلة هي الأحزاب الدستورية التي مازال المواطن الناخب خاصة ينظر اليها بريبة ويتهمها بأنها من بقايا النظام السابق وهي نظرة لا يمكن تغييرها في فترة وجيزة ومن هنا قد يجدون انفسهم «يلعبون» على ورقة الجهويات وفزاعة التشدد الاسلامي.
محمد عبد المؤمن
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق