الصريح / تونس
أقيل المنذر الكبير من مهمة تدريب أكابر النجم، وعوّض بالمدرب الفرنسي دنيس لافانيا، واطلقت جماهير النجم زفرات الارتياح، فهذا الممرن جثم على قلوبها أكثر من اللزوم.
كنا، ومنذ أشهر عديدة، أول من شخّص فشله، وطالبنا بإنهاء مهامه، لذلك فإن حديثنا عنه الآن ليس من باب طعن الثور وهو طريح الارض، بل تواصلا مع قناعانا كنقاد وملاحظين ومتابعين للشأن الرياضي.
وهذه، اختزالا للمسألة، الاخطاء العشرة التي تبرّر اقالة المنذر الكبيّر.
كنا، ومنذ أشهر عديدة، أول من شخّص فشله، وطالبنا بإنهاء مهامه، لذلك فإن حديثنا عنه الآن ليس من باب طعن الثور وهو طريح الارض، بل تواصلا مع قناعانا كنقاد وملاحظين ومتابعين للشأن الرياضي.
وهذه، اختزالا للمسألة، الاخطاء العشرة التي تبرّر اقالة المنذر الكبيّر.
الخطأ الأول
بدا المنذر الكبيّر منذ أن أتى به الرئيس الأسبق للنجم، حامد كمّون، وكلّفه بالاشراف الفني على أكابر الفريق، نظريا أكثر من واضعي النظريات أنفسهم، فتصرف في المجموعة التي على ذمّته كأستاذ في كرة القدم وليس كممرن لكرة القدم، والفرق شاسع بين المهمّتين، فأستاذ الفلسفة لا يمكن أن يكون، بالضرورة فيلسوفا، وأستاذ الأدب ليس أديبا، كما أن أستاذ الرسم أو الموسيقى ليس رسّاما أو موسيقيا.
من هذا المنظور لم يستطع المنذر الكبيّر التخلص من القوالب النظرية المحنّطة التي تكبّل معارفه، وعجز، تبعا لذلك، عن تمريرها الى عقول وأقدام اللاعبين، فأقام حاجزا من سوء الفهم والتواصل بين أفكاره النظرية الجاهزة والمتطلبات الواقعية للمنفذين على أرضية الميدان.
هذا الخطأ «الاتصالي» الفادح استفحل بمرور الايام بسبب تعنّت وعناد المنذر الكبيّر الذي رفض أن ينزع عن نفسه رداء الاستاذ النظري وارتداء ثياب المدرّب الميداني.
الخطأ الثاني
يعاني المنذر الكبيّر من عجز كبير عن تقييم اللاعبين، فنيا وبدنيا، وقد ازداد هذا العجز استفحالا بوجود العديد من اللاعبين الموهوبين في صفوف الفريق، مما جعله يسيء الاختيار لا في وضع التشكيلة التي ستنزل الى الميدان فقط، وإنما في تحديد القائمة التي سيعوّل عليها طيلة الموسم، فتخلّى عن أمير العمراني الذي تألق مع فريقه الجديد مستقبل المرسى وعلاء عباس الذي أصبح هداف الأولمبي الباجي وعصام الجبالي، الذي يقود، بمهارة، هجوم الترجي الجرجيسي، ثم طالب بانتداب بن مسعود ليضعه على المدارج، وبتجديد عقد دوس سانطوس دون الاستفادة منه وقد أثبت في كل مرّة انتهاءه فنيا وبدنيا، طبقا للمواصفات المطلوبة في لاعب كرة محترف بفريق كبير، وكاد يفرّط في درامي لحمام سوسة لولا تألقه المفاجئ في ڤابس، ليتمسّك به وكأنه ثروة فنية كبيرة، والامثلة على هذا المنوال عديدة.
الخطأ الثالث
اختار المنذر الكبيّر التدثّر بحنان رئيس الجمعية والنزول عند رغبته كلّما طالبه بذلك، ولم يحاول الدفاع عن مصالح مجموعته، فقبل التفريط في شمس الدين الذوادي رغم حاجته الأكيدة له، ولم يحاول الرفع من معنويات الشهودي، وتخفيف ضغط أحد المسؤولين عليه، ووقف موقفا سلبيا من رحيل الشاذلي، كل ذلك لتأمين رضاء مؤجريه وضمان بقائه في منصبه.
الخطأ الرابع
لا يفرّق المنذر الكبيّر بين فريق كبير كالترجي والافريقي والصفاقسي وآخر صغير ومحدود الامكانيات بالمقارنة مع النجم والفرق الكبرى، فيلعب ضد الجميع بالطريقة ذاتها، بمعنى انه لا يعير أهمية لامكانيات المنافس، بل يساعده على تطبيق خطته. وبالرغم من الفشل الذريع لهذا السلوك، النظري المعلّب، واصل المنذر الكبيّر اعتماده فتتالت الهزائم المهنية ضد الفرق الصغرى، وأصبح النجم لقمة سائغة يتفنّن مدربو الفرق ذات الامكانيات البشرية والفنية المحدودة في اصطيادها. فهو يلعب بلاعبي تهديم في الوسط الدفاع، وثلاثة في الوسط الهجومي وشبه الهجومي، ورأس حربة معزول، ضد جميع الفرق دون استثناء، كبيرة كانت أو صغيرة، ومنتصرا كان أو منهزما ومتعادلا. ولا يغير، في أغلب الاحيان، إلا لاعبا بلاعب في نفس الخطة!!
الخطأ الخامس
أكد المنذر الكبيّر، في أكثر من مناسبة، ضعفه الفادح في قراءة اللعب اثناء المقابلة، لذلك لم يكن مصيبا أبدا في التغييرات التي يدخلها على التشكيلة أثناء اللعب، ثم هو لا يغيّر للضرورة التي يفرضها التغيير وإنما طبقا لتوقيت محدد مسبقا، بمعنى انه لا يتحرّك الا في الدقيقة الستين أو الخامسة والسبعين، حتى وإن كانت مجريات المقابلة تحتم إجراء التغيير قبل ذاك التوقيت أو بعده!! وتعدّ التغييرات التي أجراها خلال مقابلة النجم والأمل الرياضي بحمام سوسة، أكبر مثال يجسم اخفاقه الذريع في هذا المجال.
الخطأ السادس
تتكرّر الاخطاء ذاتها من مقابلة الى أخرى، ومنذر الكبري في غفلة عنها، لا يسعى الى اصلاحها مطلقا، قد يكون لم يتفطن اليها وقد يكون ايضا أخفق في اصلاحها، وفي الحالتين يعتبر مقصّرا في اداء مهمته.
الاخطاء التي ارتكبت ضد الاتحاد الرياضي المنستيري هي ذاتها التي تمّ ارتكابها ضد النادي الرياضي لحمام الأنف والأمل الرياضي بحمام سوسة وحتى ضد النادي الرياضي الصفاقسي الذي انتصر فيه النجم بثنائية دون ان يقنع مرتكبا عدة أخطاء فادحة، أصبحت مزمنة، وقف الحظ دون استغلالها من قبل المنافس.
الخطأ السابع
لم يستطع المنذر الكبيّر فرض إرادته على اللاعبين الكبار سنّا في الفريق، بل انساق وراء ضغوطاتهم، فشرّك البلبولي وهو يعاني من نقص فادح في الاستعداد البدني والنفسي بعد عودته من جنوب افريقيا، حيث قبع على بنك الاحتياط في كل مقابلات المنتخب، وثبّت الفالحي في محور الدفاع بالرغم من وجود لاعبين شبّان يتّقدون حماسا ويضطرمون توقا، وحاول أن يجد للبجاوي مكانا على يسار الدفاع أو في محوره حماية له من بنك الاحتياط أو المدارج، ولم يساعد الهيئة في تليين مواقف البلبولي لتمديد عقده، وبالتالي اقناعه أنه لم يعد «الحارس الذي لا يعوّض» حتى يملي شروطه المجحفة.
الخطأ الثامن
بدا المنذر الكبيّر في العديد من المناسبات وكأنه يفكّر في مستقبله الرياضي على حساب مصالح الجمعية وطموحات أحبائها ودون مراعاة لمشاعرها، إذ يجد الجرأة الكافية (حتى لا نقول شيئا آخر) لتبرير الهزائم المهينة والمذلّة وكأن النجم ليس فريقا كبيرا لا يتحمّل خدشا في كرامته ومجده وسمعته، كما أنه دأب على التودد للفرق المنافسة وشكرها والتنويه بمردودها، حتى يؤمن فرص الاستنجاد به حين تحين الفرصة غير عابئ بتداعيات تلك المواقف على علاقته بجماهير النجم.
لقد وصف بعضهم هذه المواقف بـ: «الروح الرياضية» و«الارتقاء الاخلاقي» متناسين ان التنافس بين الجمعيات، وخاصة الكبيرة منها، يتطلب من قبل المدربين المحترفين، لغة أقل مجاملة تجاه المنافس وأكثر دفعا للاعبي الفريق الذي يدرّبونه.
الخطأ التاسع
حقق المنذر الكبيّر مع النجم أكثر الارقام القياسية في السلبية، فانهزم النجم في عهده الأول مرّة ضد الأمل الرياضي بحمام سوسة، ولأول مرّة ايضا ضد الاتحاد الرياضي المنستيري بفارق ثلاثة أهداف، وتكبّد لأوّل مرّة رباعيتين في موسم واحد، وانهزم لأول مرّة مرتين في ثلاث مقابلات متتالية! وغيرها من الارقام السلبية التي لطخت السجل الناصع للجمعية العريقة والرائدة.
الخطأ العاشر
وهو الأكثر كارثية! فقد تناسى المنذر الكبيّر انه يدرّب فريقا كبيرا من طراز عال، هو النجم الرياضي الساحلي، وعليه أن يرتقي الى مستوى طموحات جماهيره، ويرفع من سقف أهدافه وطنيا وقاريا، وأن لا يقنع بما تقنع به الفرق الصغيرة والمتوسّطة. لقد تصرّف المنذر الكبيّر حسب امكانياته العادية وكأنه يدرب فريقا عاديا، حتى وصل الأمر الى القول، وهو يغادر الفريق: «لقد تركت فريقا في المرتبة الأولى» متناسيا أن هذه المرتبة حتى وإن كانت الأولى، لا تليق بالنجم الذي انهزم ثلاث مقابلات في تسع لعبها، وكانت جميعها خارج أرضه!! النجم أكبر بكثير من هذه الحصيلة المخجلة!!
مصطفى عطية
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق